أنصار السنة.. من هو فنانهم المفضل؟!منقول من sudaneseonline

أنصار السنة.. من هو فنانهم المفضل؟!

تقرير: صباح أحمد

ربما تبدو المفارقة واضحة داخل الأوساط السلفية بين تحريم بعض قياداتها للغناء والموسيقى والمعازف وآخرين بدأوا ينتهجون نهجاً مغايراً يتصادم ومبادئ الجماعات السلفية.. فقد أجاز قطاع الخدمات بمجلس الوزراء أمس الأول السمات الأولية من قانون المهن الموسيقية والمسرحية لعام ٢٠١٠م الذي قدمه وزير أنصار السنة بوزارة الثقافة والشباب والرياضة محمد أبوزيد مصطفى.

وبالضرورة فإن القانون معني بشكل خاص بقضايا وهموم الفنانين والمطربين والممثلين الأمر الذي يتقاطع مع تعاليم الجماعة السلفية التي ينتمي إليها الوزير.. وهنا تطل العديد من التساؤلات الحائرة... هل غيرت جماعة أنصار السنة المحمدية نظرتها السوداء تجاه الفن والفنانين؟.. أم أن الأمر لا يعدو أن يكون ضغطاً تمليه وطأة وطبيعة وضع الرجل الدستوري كوزير بوزارة الثقافة والشباب والرياضة؟!

ومع ذلك لا تنتفي حالة أن بعض قيادات الجماعة تستلطف سماع الأغاني!.

وقبل عدة سنوات سئل الشيخ محمد هاشم الهدية الرئيس العام الأسبق لجماعة أنصار السنة رحمه الله في برنامج تلفزيوني عن رأيه في أغنية المستحيل للموسيقار محمد وردي بعد أن قام المخرج ببث الأغنية التي تقول بعض أبياتها (لو بإيدي) كنت طوّعت الليالي.

فرد الشيح الهدية (كلماتها جيدة وعباراتها فيها التوحيد).

وفي حوار سابق أجريته مع الشيخ الهدية اعترف بأنه كان يهوى الاستماع للفنان أحمد المصطفى وأذكر أنني سألت شيخ الهدية عندما زرته في المركز العام للجماعة بالسجانة وقلت له (عرفنا فنانك المفضل لكن لم نعرف أغنيتك المفضلة فأجاب بسخرية أنت عايزه بيها شنو)؟.. وأردف قائلاً إنها أغنية (حاولت أنساك وقلبي زاد في جروحو وريني كيف الحي بودع روحو).

ويروى عن الشيخ أبوزيد محمد حمزة رئيس جماعة أنصار السنة (الإصلاح) أنه كان يستمع للمطربة الراحلة عائشة الفلاتية خاصة أغنية ( يجوا عايدين.. إن شاء الله عايدين ياالله)!.

غير أن الطريف أن برنامج المنتدى الفقهي الذي كان يقدمه الأستاذ أمين حسن عمر الوزير الحالي بوزارة الثقافة والشباب والرياضة بالتلفزيون القومي كان قد خصص حلقات حوارية عن الغناء والموسيقى ما يحل منها ويحرم استضاف فيه الدكتور يوسف الكودة والفنان عبد الكريم الكابلي وفي إحدى الحلقات وكان النقاش فيها ساخناً استدل الكابلي بمقولة أن الغناء حسنه حسن وقبيحه قبيح. فما كان من الكودة إلا أن رد قائلاً: والله يا عبد الكريم الحمد لله إنك بقيت ترجع للكتب الدينية وتنقب عن المفردات الشرعية والأدلة والبراهين!.

ومن يومها أصبحت هناك علاقة قوية بين الكودة والكابلي لكن الأطرف من ذلك ما حكاه لي أحد قيادات الجماعة حينما قال إن يوسف الكودة كان ضمن حضور تشييع جثمان الفنان عثمان حسين وفي صيوان العزاء بمنزل الراحل بالسجانة التقى الكودة بنائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه الذي داعب الكودة بقوله: والله اطورتو وبقيتوا تجوا تعزوا في الفنانين!.

وقد كان شباب وشيوخ أنصار السنة يوجهون نقداً لاذعاً ليوسف الكودة باعتبار أن برنامجه التلفزيوني (روح وريحان) تصاحبه إيقاعات موسيقية وهو يرد بأن الأمر ليس بيده وأخيراً تحولت المقدمة الموسيقية لبرنامجه لأنشودة (مسلمون) للدكتور يوسف القرضاوي.

والشاهد أن بعض منشدي الجماعة يصفون من يردد الأغاني ويعجب بالموسيقى بأنه (ميّع) الدين ويسمونه (المرخرخ) وتعني في علم مصطلح الحديث المتساهل.

وجرت العادة أن يستخدم أنصار السنة في احتفالاتهم الخاصة المؤثرات الصوتية المباحة مثل شقشقة العصافير وخرير المياه وصهيل الخيول.

وفي منتصف عقد التسعينات كانت هناك ظاهرة وسط الجماعة وهي استقطاب بعض المغنين كان من بينهم الفنان عبد الله البعيو الذي انخرط في صفوف الجماعة واعتزل الغناء بعد اغترابه في السعودية ثم عودته للبلاد وامتهانه الزراعة واستثماره في مشروع زراعي بمنطقة ود الحليو.

وقام الرجل وقتها بإتلاف وإعدام كل أشرطة الكاسيت خاصة أغنية (ست الودع.. أرمي الودع لي كشكشي.. شوفيهو لي كان فيهو شئ وما تختشي). بعد أن أقنعه أنصار السنة بأن الأغنية (شركية) وتحمل الكثير من المعاني الكفرية وأن الودع محرّم في الشريعة الإسلامية لأنه مرتبط بعلم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله.. لكن الراحل الشاعر حسن الزبير استطاع إقناع البعيو بالعدول عن قرار اعتزال الغناء والعودة مرة أخرى للوسط الفني.

ولعل الملحن فتحي صالح المك كان أشهر موسيقار يعلن انضمامه لجماعة أنصار السنة وهو من سكان الخرطوم (٣) وابن أخت أمير العود حسن عطية.

وكان فتحي المك استاذاً لمادة الصوتيات بمعهد الموسيقى والمسرح وملحناً مبدعاً قام بتلحين العديد من الأغاني المشهورة مثل (يا أحلى جارة) التي تغنى بها الفنان عبد العزيز البمارك.

وبعد اعتزال فتحي المك للغناء والموسيقى قام بحرق (العود) وأدوات الغناء وطالب الإذاعة بإيقاف بث كافة ألحانه وحينها كتب الأستاذ حسين خوجلي في صحيفة (ألوان) مقالاً ناقداً موقف فتحي المك نعى فيه أنصار السنة والسلفيين وكان عنوان المادة الصحفية (فتحي المك والكمنجة المحطمة)!.

والشاهد أن بعض شعراء أنصار السنة حاولوا كثيراً إيجاد فن بديل لما أسموه بالغناء الهابط وكان من أبرز شعراء الجماعة الشيخ أحمد صويلح الرشيدي الذي كان ينشد أشعاره في المناسبات الإجتماعية وعند عقد الزواج الخاص بالجماعة ولديه قصيدة مشهورة يقول مطلعها: تهانينا بهذا الزواج الخالي من إشكال بنضرب بيه المثال ونحرر به الأجيال.

وبالطبع كان الشاعر يقصد تحرير عقول الأجيال من الغناء الهابط. أما الشاعر الآخر فهو الشاعر مختار أحمد محمد خليل والذي كان يجاري شعراء الحزب الشيوعي بقصيدة توازي (غني يا خرطوم غني وشدي أوتار المغني) حسبما حدثني أحد شيوخ الجماعة ولديه قصيدة أخرى متطابقة مع قصيدة الشهيد وداعة الله ابراهيم (صيف العبور) طلقة طلقة ودانة دانة.. فأنشد مختار قائلاً: آيه آية.. وسورة سورة.

وكان العديد من خطباء وأئمة أنصار السنة يحفظون عن ظهر قلب أبياتاً من الأغاني والمدائح بهدف انتقادها في الحلقات والمحاضرات والندوات خاصة الداعية محمد مصطفى عبد القادر الذي يقوم بتقليد ومحاكاة الفنان بشكل ساخر وكوميدي ويرد عليهم بعنف خاصة الفنان زيدان ابراهيم في أغنيته التي تقول بعض أبياتها (مين علمك يا فراش.. تعبد عيون القاش).. و(أبقى راهب ليها واعبدا).. إضافة للفنان كمال ترباس في أغنية (البعبدا) باعتبار أن العبادة لله. رافضين المجازات والرمزيات ودلالات هذه الأغاني.. كذلك أغنية الراحل عثمان حسين (لا وحبك) باعتبار أن ما ورد فيها هو حلف بغير الله ومن حلف بغير الله فقد أشرك.

ولاحقاً حدثت تحولات وتغييرات في فكر وفقه الدكتور يوسف الكودة الذي بدا أنه غيّر بعض مواقفه الفقهية تجاه الفن والفنانين بعد انسلاخه وخروجه من الجماعة وتأسيسه حزب الوسط الإسلامي فقد أقام قبل فترة منتدى شعرياً كان نجومه محمد الحسن سالم حميد والسر عثمان الطيب وحاتم وحسن الدابي في دار حزب الوسط الاسلامي بالخرطوم.. ولكن لا أدري هل صاحب المنتدى الشعري صوت الدليب والطنبور أم لا.. فقد حالت ظروفي يومها من حضور المنتدى وتلبية الدعوة الكريمة.

وفي ولاية الجزيرة فإن وزير التربية والتعليم السابق في حكومة الفريق عبد الرحمن سر الختم، محمد عبد الكريم الذي كان مولعاً بحضور المنتديات والمناسبات التي يتغنى فيها الفنان بلال موسي بل وشوهد في بعض المرات يهز ويلوح بيده.. أما وزير الصحة الحالي بولاية الجزيرة التابع لأنصار السنة الخير النور المبارك فقد كان في مقدمة حضور حفل أقيم بساحة المجلس التشريعي بودمدني وهو يشاهد ويتفاعل مع أحد الفرق المسرحية الكوميدية ويضحك من النكات التي تصاحبها الموسيقى الصاخبة.

وأخيراً ومثلما بدأنا بالوزير محمد أبوزيد مصطفى الذي يتربع على عرش وزارة الثقافة والشباب والرياضة فلا أظننا بحاجة لسؤاله عن فنانه المفضل أو الأغنية المحببة التي يدندن بها وتثير إعجابه.. فيكفي أن الرجل هو الثاني في وزارة أهم أعبائها رعاية الفنانين والمطربين.. لكن بعد أن أعلن محمد أبوزيد ترشّحه لمنصب والي الجزيرة في الإنتخابات القادمة نهدي له أغنية الفنان محمد مسكين (من أرض المحنة ومن قلب الجزيرة.. أنا بهدي ليك أشواقي الكتيرة).. وشكراً لحسن الإستماع والمشاهدة

والله دا كلام صاح اليومين ديل بتلقى ليك كميه من المتناقضات (آخر الزمن )
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]